/ التعريف بالعولمة:
1-يشير مصطلح العولمة إلى عملية تعميق مبدأ الاعتماد المتبادل بين الفاعلين في الاقتصاد العالمي بحيث تزداد نسبة المشاركة في التبادل الدولي والعلاقات الاقتصادية الدولية لهؤلاء من حيث المستوى والوزن والحجم في مجالات متعددة وأهمها السلع والخدمات وعناصر الإنتاج بحيث تنمو عملة التبادل التجاري الدولي لتشكل نسبة هامة من النشاط الاقتصادي الكلي وتكون |أشكالا جديدة للعلاقات الاقتصادية في الاقتصاد العالمي.
ولعل من الواضح أن هذا التعريف للعولمة يركز على أنها عملية متعلقة على تعميق الاعتماد المتبادل وتحويل الاقتصاد العالمي إلى وق واحدة تزداد فيها نسبة المشاركة في التجارة العالمية على أساس إعادة النظر في مبدأ التخصص وتقسيم العمل الدولي، والوصول إلى نمط جديد للتخصص وتقسيم العمل الدولي.
2. التعريف اللغوي: يرى أستاذ الفلسفة محمد عابد الجابري أن العولمة في معناها اللغوي تعني تعميم الشيء وتوسيع دائرته ليشمل العالم كله، وهي تعني الآن في المجال السياسي منظرًا إلية من زاوية الجغرافية "جيوبوليتيك"، العمل على تعميم نمط حضاري يخص بلد بعينه يخص بلد بعينه هو الو. م. أ على بلدان العالم أجمع.
3. العولمة ظاهرة مرتبطة بفتح الاقتصاديات وبتوسيع الأسواق ودخول عدد متزايد من الدول وسكانها والبلدان الاشتراكية سابقًا مع عدد متزايد من البلدان النامية القطاعات والشركات في السوق العالمية كما أن هذه الظاهرة مرتبطة بمتطلبات التطور التكنولوجي وزيادة المنافسة ودخول متعاملين جدد فيها.
4. وهناك تعريفات تركز على العولمة باعتبارها مرحلة تاريخية وعلى ذلك فالعولمة هي المرحلة التي تعقب الحرب الباردة من الناحية التاريخية والتحول للآليات السوق.
5. يعرفها الأستاذ محمد عابد الجابري على أنها توع أو نسق ذو أبعاد تتجاوز دائرة الاقتصاد فهي شاملة للمجال المالي والتسويقي والمبادلات والاتصال و... السياسة والأخلاق والفكر الإيديولوجي والعسكري.
9. وهناك تعريف يركز على العولمة باعتبارها "تجليات لظواهر اقتصادية" وتتضمن هذه الظواهر تحرير الأسواق والخصخصة وانسحاب الدولة من النشاط الاقتصادي ولأداء بعض وظائفها وخصوصا في مجال الرعاية الاجتماعية وتغيير لنمط التكنولوجيا والتوزيع العابر للقارات للإنتاج من خلال الاستثمار الأجنبي المباشر والتكامل بين الأسواق الرأسمالية.
2/ العوامل والأسباب التي أدت إلى العولمة
تعتبر العولمة نتاج لعوامل كثيرة أدت إلى ظهورها عند منتصف الثمانيات ومن هذه العوالم ما هو إقتصادي ومنعا ما هو سياسي و ثقافي ويؤثر ويتأثر كل عامل من العوامل السابقة، بالعوامل الأخرى ولكن ستقتصر على أهم العوامل الإقتصادية فقط، دون إنكار لأهمية العوامل الأخرى قي تأثيرها على العولمة.
1-انخفاض القيود على التجارة العالمية:
بدأت القيود بعد الحرب العالمية الثانية تخفض من وطأة الحماية، وأصبحت هذه العوالم تعتمد على الضرائب المركبة، في تنظيم التجارة، وفي ضل رعاية الجات (GATT) وتم تحقيق تقدم في تحري التجارة الدولية في بعض المجالات وقد ترتب على المفاوضات المتعددة الأطراف التي تمت في إطار الجات، تخفيض في الضرائب الجمركية على السلع الصناعية في الدول المتقدمة من 40% عام 1940م، إلى أقل من 10% في المتوسط بعد جولة طوكيو عام 1989م، حيث بلغت 6% للإتحاد الأوروبي و 4.4 % لليابان 4.9 بالمائة للولايات المتحدة الأمريكية.
2- التطور الصناعي في الدول النامية وزيادة تكاملها مع السوق العالمية:
يعد ما حققته الدول النامية من نمو في الفترة السابقة، والحالية كأحد أهم الأسباب للعولمة، فقد أرتفع نصيب دول شرق آسيا في الفترة من 1965 – 1988 من الناتج العالمي المحلي الإجمالي للعالم من 5 بالمائة إلى 20 بالمائة من الناتج الصناعي العالمي، من 10 بالمائة إلى 23 بالمائة، وزاد نصيب القطاع الصناعي من الناتج المحلي الإجمالي في الدول النامية منخفضة الدخل، واستمرت الزيادة في السكان في الدول النامية بمعدل 2 بالمائة سنويا.
3- تكامل أسواق المال الدولية:
تعتبر الحركة الدولية لرأس المال مظهرًا أساسيا من مظاهر التكامل المالي الدولي، كما أن صورة هذه الحركة ودرجاتها ترتبط ارتباطا وثيقا بفرض كفاءة الأسواق المالية الدولية، حيث تعد هذه الأسواق هي القناة التي تتدفق خلال الأدوات المالية المختلفة عبر مختلف دول العالم، وتأتي هذه التدفقات بين الدول، أو خلال الأسواق المالية استجابة للاختلاف في معدلات الفائدة على الأدوات والأوعية المختلفة وفيما بين الأسواق المختلفة بالأسواق المختلفة بالإضافة إلى الاختلافات في درجة وأشكال الرقابة المفروضة على تحركات رأس المال.
4- زيادة أهمية تدفقات رأس المال الخاص والاستثمار الأجنبي المباشر:
يوضح تقرير أفاق الإقتصاد العالمي 1997م، الصادر عن صندوق النقد الدولي ومؤشرات زيادة أهمية التدفقات رأس المال الخاص والاستثمار الأجنبي المباشر فابتدءا من منتصف الثمانينات بدأت تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر في أنحاء العالم في الزيادة.
5- التقدم التكنولوجي وانخفاض تكاليف النقل والاتصالات:
ذكر DOSI أن التغيرات التكنولوجية أحد محركات العولمة، وكذلك أكد على أهمية هذا العامل ودور التقدم التكنولوجي في المواصلات والاتصالات على تسارع عمليات العولمة، كما أوضح Lipsey أن التكنولوجيا الحديثة ترتب عليها انتقال في النظم عبر الإقتصاديات العالمية.
3/ مظاهر العولمة
يتفق أغلبية الباحثين والمتتبعين لتطوير هذه الظاهرة، إن عددًا من المظاهر المتداخلة والمترابطة والمتفاعلة فيما بينها تتميز أساسًا:
1- الثورة العلمية التكنولوجية:
إن تكنولوجيا المعلومات هي أحدثت مفرزات التطور التكنولوجي وقد أدي تطور تكنولوجيا النقل والاتصال لإلغاء حواجز الوقت المسافة بين مختلف البلدان، كما تنامى نقل السلع جوًا وبسرعة بين أسواق متجاورة، كدول الإتحاد الأوربي مثلاً، وحتى بين الدول العربية وأسواق دول مجاورة، كما تطورت وبسرعة وسائل الإتصال الإلكترونية لنقل الصوت والبيانات متضمنة البريد الإلكتروني، والفاكس والانترنيت، وشبكات الإتصال التليفونية العالمية السريعة، وهو ما أتاح لمصانع ومنظمات خدمية أن تخدم أسواقًا أوسع وأكثر، وسمح لشركات أن تركز بعض عملياتها في منطقة معينة مع تقديم منتجاتها عبر فروع تختار مواقعها قرب عملائها، وكانت شبكة الأنترنيت من أهم ما أفرزته ثورة تكنولوجيا المعلومات. وقد أصبحت مجالات استخدام هذه الشبكة عديدة.
فعلى المسوقين وضع تشكيلة منتجاتهم وأسمائها وصورها وأسعارها، ومنافذ توزيعها والتسهيلات والمقترنة ببيعها لجدب العملاء.
وتضع البنوك خدماتها المصرفية وبرامجها الإفتراضية وتضع بورصات الأوراق المالية المتداولة وأسعارها، وغير ذلك من الاستخدامات وبالتالي فإن ثورة التكنولوجية وتطور وسائل الإعلام عبر القارات بالأقمار الصناعية والحاسبات الآلية جعل العالم كله سوق واحدة تقريبًا (قرية صغيرة).
2- التكتلات الإقليمية:
منذ أواخر الخمسينيات بدأت بوادر التكتل الإقليمي بظهور السوق الأوروبية المشتركة في عام 1959م، ثم تكتل شرق آسيا "ASEAN" في عام 1967م، ثم منتدى التعاون الآسيوي الباكستاني "APEC" في عام 1989م، فالسوق الأمريكية الشاملة "NAFTA" في عام 1994م، ثم سوق "ميركوسور" الأمريكية الجنوبية في عام 1995م، وأخ\ت هذه التكتلات الدولية شكل أسواق مشتركة تنزع مها جميع قيود التجارة وتسود الحرية في انتقال السلع ورؤوس الأموال العالمية.
3- الاتفاقية العامة للتعرفة والتجارة GATT:
في أبريل عام 1994م، أعلن قيام النظام التجاري العالمي الجديد حيث بدأ تنفيذ الاتفاقية العامة للتعرفة الجمركية والتجارة "الجات" اعتبارا من بداية 1995م، وتقضي الاتفاقية بتحرير تدريجي زمنيا ونوعيا للتجارة العالمية في السلع والخدمات والملكية الفكرية، وقد أدى إبرام هذه الاتفاقية وما تضمنته من خفض تدرجي للتعرفة الجمركية وحصص الاستيراد إلى الإسهام في عولمة التجارة والاستثمارات وجعلها أيسر على نطاق أسواق الدول الأعضاء في هذه الاتفاقية
4-التحالفات الإستراتيجية لشركات عملاقة:
لم يعد تحليل وتفسير الفرص وما توجهه مختلف الشركات يتطلب فقط منظورًا محليًا أو إقليميا. بل أصبح المنظور العالمي ضرورة أساسية. إن ضرورة التصدي لتهديدات المنافسة العالمية لا تعني السعي الحثيث لاختراق أسواق أجنبية، وقد أصبح تكوين إستراتيجيات تحالفية أحد أهم سبل \لك.
وقد تحولت شركات كبيرة أنهكها التنافس من إستراتيجيات التنافس إلى إستراتيجيات التحالف، والهدف المرجو هو تقليل تكلفة التنافس وتكلفة البحوث والتطوير ونقل التكنولوجيا بشكل منفرد، وتعزيز القدرات التنافسية للمتحالفين.
ومن أمثلة التحالفات تحالف "توشيانا" مع "موتور ولا" في صناعة وتسويق وسائل الإتصال الإلكترونية، و"سيمتر" مع "فيليبس" في صناعة شرائط الفيديو، وفي صناعة السيارات تحالف كل من "فورد" مع "مازدا" و "خنزال موكور" مع "تويوتا".
5-الشركات العالمية:
مع تزايد الاتجاه نحو إدارة اللا حدود جغرافية "Borderless management " تنامي ظهور وتأثير الشركات العالمية، بعد أن كان توسع الشركات يأخذ صورة تعدد ونشر الفروع في السوق المحلية، تطور الأمر لتعدد ونشر الفروع الخارجية عالميا لا سيما مع الدعم الفائق الذي هيأته شبكات المعلومات العالمية والتجارة الإلكترونية، وتزايد حضور وتأثير وسطوة الشركات متعددة الجنسيات والعبرة للقارات على المساحة العالمية.
وهي شركات يقع المركز الرئيسي لها في دولة المقر، وتدير عملياتها في أسواق متعددة عبر العالم بهدف الاستحواذ على فرص سوقية متزايدة.
ومن أمثلة \لك إدارة شركة "جنرال موتورز" لفرعها بالإسكندرية وشركة "نستلة" أكبر شركة عالمية في صناعة الأغذية التي تبيع منتجات في أوروبا غير تلك التي سعها في الولايات المتحدة الأمريكية.
وأدى تنامي عمليات الشركات المتعددة الجنسيات والعبرة للقارات كأداة رئيسية للعولمة، لسعيها اختيار مواقع لمصانع ونقاط آخرين أو توزع لها في أسواق خارجية.
6-معايير الجودة:
في عام 1987م، وضعت المنظمة الدولية للمواصفات القياسية (ISO) ومقرها جنيف مواصفات قياسية عالمية اتفقت داخل المجموعة الأوروبية بشكل خاص والدول الصناعية الكبرى بشكل عام، لتوحيدها لكافة المنتجات ماعدا منتجات الكهرباء والمنتجات الغذائية.
وهذه مواصفات إدارة الجودة المعروفة بالإيزو 9000 أحد المؤشرات على عولمة أنشطة الأعمال لا سيما بعد أن أصبحت هذه الشهادة وبسرعة هدفا لشركات عديدة حول العام تسعى لأن تزاول أنشطتها في أوروبا أو تكتسب سمعة وشهرة متبنية لمدخل عالمي للجودة الشاملة.